حديث رقم 79 - من كتاب تهذيب الآثار للطبري - مسند عمر بن الخطاب

نص الحديث

79 حَدَّثَنِي بِهِ عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ الطُّوسِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ ذَكْوَانَ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ ، عَنْ عَلِيٍّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ سَأَلَ مَسْأَلَةً عَنْ ظَهْرِ غِنًى اسْتَكْثَرَ بِهَا مِنْ رَضْفِ جَهَنَّمَ ، قَالُوا : وَمَا ظَهْرُ غِنًى ؟ قَالَ : عَشَاءُ لَيْلَةٍ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا : أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَكْرُوهَةٌ لِكُلِّ أَحَدٍ إِلَّا الْمُضْطَرَّ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ التَّلَفَ بِتَرْكِهَا ، فَإِنَّ مَنْ كَانَ قَدْ بَلَغَ حَدَّ الْخَوْفِ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الْجُوعِ وَلَا سَبِيلَ لَهُ إِلَى مَا يُقِيمُ بِهِ رَمَقَهُ ، وَيَرُدُّ عَنْ نَفْسِهِ الضَّرُورَةَ الْحَالَّةَ بِهِ إِلَّا بِالْمَسْأَلَةِ ، فَإِنَّ عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةَ فَرْضًا وَاجِبًا ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ إِتْلَافُ نَفْسِهِ ، وَهُوَ يَجِدُ السَّبِيلَ إِلَى إِحْيَائِهَا بِمَا أَبَاحَ اللَّهُ لَهُ بِهَا إِحْيَاءَهَا بِهِ ، وَالْمَسْأَلَةُ مُبَاحَةٌ لِمَنْ كَانَ ذَا فَاقَةٍ وَفَقْرٍ ، وَإِنْ كَرِهْنَاهَا لَهُ ، وَقَدْ وَجَدَ عَنْهَا مَنْدُوحَةً بِمَا يُقِيمُ بِهِ رَمَقَهُ مِنْ عَيْشٍ وَإِنْ ضَاقَ ، وَإِنَّمَا كَرِهْنَاهَا عَلَى السَّبِيلِ الَّتِي وَصَفْنَا ، لِمَنْ كَرِهْنَا لَهُ ؛ لِتَتَابُعِ الْأَخْبَارِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا ذَكَرْنَا قَبْلُ مِنْ قَوْلِهِ : يَدُ السَّائِلِ السُّفْلَى ، وَقَوْلِهِ : مَا فَتَحَ أَحَدٌ عَلَى نَفْسِهِ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ ، وَقَوْلِهِ : مَنْ يَتَكَفَّلُ لِي بِوَاحِدَةٍ وَأَتَكَفَّلُ لَهُ الْجَنَّةَ ؟ ، فَلَمَّا قَالَ لَهُ ثَوْبَانُ : أَنَا , قَالَ : لَا تَسْأَلْ أَحَدًا شَيْئًا ، وَقَوْلِهِ : مَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا الْوَارِدَةِ بِكَرَاهَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْأَلَةَ كَرَاهَةً عَامَّةً مِنْ غَيْرِ خُصُوصِ ذَلِكَ فِي حَالٍ مِنْ دُونِ حَالٍ ، وَقُلْنَا : هِيَ مَعَ ذَلِكَ مُبَاحَةٌ لِمَنْ كَانَ ذَا فَاقَةٍ وَفَقْرٍ ؛ لِتَظَاهُرِ الْأَخْبَارِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَخْبَارِ الَّتِي وَرَدَتْ عَنْهُ بِالْوَعِيدِ عَلَيْهَا أَوْ بِتَحْرِيمِهَا مَوْصُولَةً بِالشُّرُوطِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ سَأَلَ وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ ، وَقَوْلُهُ : مَنْ سَأَلَ النَّاسَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى فَإِنْ ظَنَّ ظَانٌّ أَنَّ الْأَخْبَارَ الْوَارِدَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ أَوْ بِتَحْرِيمِهِ غَيْرُ مَوْصُولَةٍ بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الشُّرُوطِ ، لِمَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ مُخَالِفٌ ، فَقَدْ ظَنَّ غَيْرَ الصَّوَابِ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَخْبَارَ الَّتِي لَا فَضْلَ فِيهَا لِتَحْرِيمِ الْمَسْأَلَةِ بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الشُّرُوطِ أَخْبَارٌ مُجْمَلَةٌ تُبَيِّنُ مَعَانِيَهَا الْأَخْبَارُ الْمُفسَّرَةُ الْمَوْصُولَةُ بِالشُّرُوطِ الَّتِي ذَكَرْنَا . وَقَدْ بَيَّنَّا فِي كُتُبِنَا أَنَّ الْمُفَسَّرَ مِنَ الْأَخْبَارِ غَيْرُ دَافِعٍ لِمُجْمَلٍ مِنْهَا ، وَلَا الْمُجْمَلَ مِنْهَا دَافِعٌ حُكْمَ الْمُفَسَّرِ ، بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ، وَالْمَسْأَلَةُ تُكْرَهُ جَمِيعُهَا لِمَنْ وَجَدَ عَنْهَا مَنْدُوحَةً ، وَلَا نُحَرِّمُهَا فَنُلْزِمُ السَّائِلَ الْمَأْثَمَ بِهَا ، إِلَّا سَائِلًا سَأَلَ عَنْ غِنًى مُكْثِرًا بِهَا مَالَهُ ، فَأَمَّا فِي غُرْمٍ لَحِقَهُ فَلَمْ يَكُنْ فِي مَالِهِ وَفَاءٌ بِهِ ، أَوْ فِي حَمَالَةٍ تَحَمَّلَهَا لَمْ يَكُنْ فِي مَالِهِ لَهَا سَعَةٌ ، أَوْ فِي فَاقَةٍ نَزَلَتْ بِهِ وَحَاجَةٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى سَدِّهَا إِلَّا بِالْمَسْأَلَةِ ؛ فَإِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَهُ جَائِزَةٌ حَلَالٌ ، وَإِنِ اخْتَرْنَا لَهُ الِاسْتِعْفَافَ وَالتَّجَمُّلَ وَالصَّبْرَ ، وَالْفَزَعَ إِلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي كَشْفِ النَّازِلِ بِهِ مِنْ ذَلِكَ ، فَإِنَّهُ الْجَوَادُ الَّذِي لَا يَخَافُ بِسَعَةِ الْإِفْضَالِ الْفَقْرَ ، وَلَا تُنْقِصُ خَزَائِنَهُ كَثْرَةُ الْبَذْلِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ تَظَاهَرْتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَذَلِكَ الْخَبَرُ الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ الْمُخَارِقِ وَغَيْرِهِ ، وَبِهِ قَالَتْ جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ *

اختر أحد أحاديث التخريج لعرضه هنا

اختر طريقة التخريج المناسبة لك :